نور الهدى عضو سوبر
عدد الرسائل : 527 تاريخ التسجيل : 20/02/2007
| موضوع: العلامات الصغرى ليوم القيامة الأربعاء فبراير 10, 2010 7:19 am | |
|
أشراط الساعة الصغرى 1-
1_بعثة النبي صلى الله عليه وسلم:عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( بعثتُ أنا والساعة كهاتين ) وقرن بين السبابة والوسطى[1].
قال القرطبي رحمه الله: " أولها النبيّ صلى الله عليه وسلم لأنّه نبي آخر الزمان، وقد بعث وليس بينه وبين القيامة نبي "[2].
2- موت النبي صلى الله عليه وسلم: عن عوف بن مالك رضي الله عنه قـال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبـوك وهو في قبة من أدم فقـال: ( اعدُد ستًّا بين يدي الساعة: موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظلّ ساخطا، ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كلّ غاية اثنا عشر ألفا )[3].
3- فتح بيت المقدس: عن عوف بن مالك رضي الله عنه قـال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبـوك وهو في قبة من أدم فقـال: ( اعدُد ستًّا بين يدي الساعة: موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظلّ ساخطا، ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كلّ غاية اثنا عشر ألفا )[4].
وقـد تمّ فتح بيت المقدس في عهد الخليفـة الراشـد عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنـة خمس عشرة من الهجرة[5].
4- طاعون عمواس: عن عوف بن مالك رضي الله عنه قـال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبـوك وهو في قبة من أدم فقـال: ( اعدُد ستًّا بين يدي الساعة: موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان يأخذ فيكم كعُقاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظلّ ساخطا، ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كلّ غاية اثنا عشر ألفا )[6].
قال ابن حجر رحمه الله: " قوله: ( كعُقاص الغنم ) بضم العين المهملة وتخفيف القاف وآخره مهملة، هو داء يأخذ الدواب، فيسيل من أنوفها شيء، فتموت فجأة. ويقال: إن هذه الآية ظهرت في طاعون عمواس في خلافة عمر، وكان ذلك بعد فتح بيت المقدس "[7].
5- ظهور الفتن: عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن بين يدي الساعة فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، القاعد فيها خير من القائم، والماشي فيها خير من الساعي، فكسّروا قسيَّكم، وقطّعوا أوتاركم، واضربوا سيوفكم بالحجارة، فإن دخل - يعني على أحد منكم - فليكن كخير ابني آدم )[8].
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلاة جامعة، فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ( إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقّا عليه أن يدلّ أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شرّ ما يعلمه لهم، وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها، وتجيء الفتنة، فيرقّق بعضها بعضا، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي، ثم تنكشف، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه، فمن أحبّ أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه )[9].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافراً، أو يمسي مؤمنا ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا )[10].
قال النووي رحمه الله: " معنى الحديث: الحثّ على المبادرة إلى الأعمال الصالحـة قبل تعذّرها، والاشتغال عنهـا بما يحدث من الفتن الشاغلة المتكاثرة المتراكمة، كتراكم ظلام الليل المظلم لا المقمر. ووصف صلى الله عليه وسلم نوعاً من شدائد تلك الفتن، وهو أنـه يمسي مؤمنـا ثم يصبح كافرا، أو عكسه - شك الراوي - وهـذا لعظم الفتن، ينقلب الإنسان في اليوم الواحد هذا الانقلاب. والله أعلم "[11].
وظهور الفتن يكون من المشرق، كما دلت النصوص على ذلك:
عن ابن عمر رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مستقبل المشرق يقول: ( ألا إن الفتنة هاهنا، ألا إن الفتنة هاهنا، من حيث يطلع قرن الشيطان )[12].
قال ابن حجر رحمه الله: "وأول الفتن كان منبعها من قبل المشرق، فكان ذلك سبباً للفرقة بين المسلمين، وذلك مما يحبه الشيطان ويفرح به، وكذلك البدع نشأت من تلك الجهة"[13].
ومن الفتن التي وقعت مقتل الخلفية الراشد عثمان [14]رضي الله عنه، وموقعة الجمل[15]، وموقعة صفين، وظهور الخوارج، وموقعة الحرَّة، وفتنة القول بخلق القرآن.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان، وتكون بينهما مقتلة عظيمة، ودعواهما واحدة )[16].
وقد وقعت الحرب بين الطائفتين في الواقعة المشهورة بـ: ( صِفِّين ) في ذي الحجة سنة ست وثلاثين من الهجرة، وكان بين الفريقين أكثر من سبعين زحفاً، قتل فيها نحو سبعين ألفاً من الفريقين[17].
وعن حذيفة رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: أيّكم يحفظ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتنة ؟ فقال حذيفة: أنا أحفظ كما قال، قال: هات إنك لجريء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تكفرها الصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر )، قال: ليست هذه، ولكن التي تموج كموج البحر، قال: يا أمير المؤمنين، لا بأس عليك منها، إن بينك وبينها بابا مغلَقا، قال: يفتح الباب أو يكسر؟ قال: لا، بل يكسر، قال: ذاك أحرى أن لا يغلق، قلنا: علم عمر الباب، قال: نعم، كما أن دون غدٍ الليلة، إني حدّثته حديثا ليس بالأغاليط، فهبنا أن نسأله، وأمرنا مسروقا فسأله، فقال: من الباب؟ قال: عمر[18].
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: أشرف النبي صلى الله عليه وسلم على أطم من آطام المدينة فقال: ( هل ترون ما أرى ؟ ) قالوا: لا، قال: ( فإني لأرى الفتن تقع خلال بيوتكم كوقع القطر )[19].
قال النووي رحمه الله: "والتشبيه بمواقع القطر في الكثرة والعموم، أي: أنها كثيرة تعم الناس، لا تختصّ بها طائفة، وهذا إشارة إلى الحروب الجارية بينهم، كوقعة الجمل وصفين والحرة ومقتل عثمان ومقتل الحسين رضي الله عنه وغير ذلك. وفيه معجزة ظاهرة له صلى الله عليه وسلم"[20].
وقال ابن حجر رحمه الله: "وإنمــا اختصّت المدينة بذلك لأن قتل عثمان رضي الله عنه كان بها، ثم انتشرت الفتن في البلاد بعد ذلك، فالقتال بالجمل وبصفين كان بسبب قتل عثمان، والقتال بالنهروان كان بسبب التحكيم بصفين، وكلّ قتال وقع في ذلك العصر إنما تولّد عن شيء من ذلك، أو عن شيء تولّد عنه، ثم إن قتل عثمان كان أشدّ أسبابه الطعن على أمرائه، ثم عليه بتوليته لهم، وأوّل ما نشأ ذلك من العراق وهي من جهة المشرق"[21]. 6- قبض العلم وظهور الجهل: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لأحدثنّكم حديثا لا يحدّثكم أحد بعدي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من أشراط الساعة أن يقل العلم ويظهر الجهل )[22].
وعن شقيق قال: كنت مع عبد الله وأبي موسى فقالا: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن بين يدي الساعة لأياماً ينزل فيها الجهل ويرفع فيها العلم )[23].
قال ابن بطال رحمه الله: "هذا كلّه إخبار من النبي بأشراط الساعة، وقد رأينا هذه الأشراط عياناً وأدركناها، فقد نقص العلم وظهر الجهل"[24].
قال ابن حجر رحمه الله معقباً على ذلك: "الذي يظهر أن الذي شاهده كان منه الكثير مع وجود مقابله، والمراد من الحديث استحكام ذلك، حتى لا يبقى مما يقابله إلا النادر، وإليه الإشارة بالتعبير بقبض العلم، فلا يبقى إلا الجهل الصرف، ولا يمنع من ذلك وجود طائفة من أهل العلم لأنهم يكونون حينئذ مغمورين في أولئك"[25].
وقبض العلم يكون بقبض العلمـاء، فعن عبد الله بن عمرو بن العـاص رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن الله لا يقبض العلم انتزاعـا ينتزعه من العبـاد، ولكن يقبض العلم بقبض العلمـاء، حتى إذا لم يُبق عالمـا اتخذ النـاس رؤوسا جهـالاً، فسئلوا، فأفتوا بغير علـم، فضلوا وأضلوا )[26].
قال النووي رحمه الله: "هذا الحديث يبيّن أنّ المراد بقبض العلم في الأحاديث السابقة المطلقة ليس هو محوه من صدور حفاظه، ولكن معناه أنه يموت حملته، ويتّخذ الناس جهالاً يحكمون بجهالاتهم، فيضلون ويضلون"[27].
والمراد بالعلم هنا علم الكتاب والسنة، وهو العلم الموروث عن الأنبياء عليهم السلام، فإن العلمـاء ورثة الأنبياء، وأمـا علم الدنيا فإنه في زيـادة، وليس هو المراد في الأحاديث بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: ( فسئلوا، فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا )، والضلال إنما يكون عند الجهل بالدين.
قال الشيخ حمود التويجري رحمه الله: "فأمـا العلم الموروث عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابـه وتابعيهم وأئمة العلم والهدى من بعدهم فقد هجره الأكثرون، وقلّ الراغبون فيه والمعتنون به، وقـد انصرفت همم الأكثرين إلى الصحف والمجلاّت ومـا شاكل ذلك ممـا كثير منه مشتمل على الجهل الصرف الذي قد ظهر في زماننـا، وثبت فيه، وبثّ في مشـارق الأرض ومغاربها غاية البثّ، ونثر بين الخاصة والعامة غاية النثر، وشغف به الكثير من النـاس، وسمّوه العلم والثقافـة والتقدّم، ومن يعتني به هو المهذّب المثقّف عندهم، وقد زاد الحمق والغرور ببعض السفهـاء حتى أطلقوا على المعتنين بالعلوم الشرعية اسم الرجعيّين، وسموا كتب العلم النـافع الكتب الصفراء، تحقيراً لهـا وتنفيراً منهـا"[28].
ولا يزال العلم ينقص والجهل يكثر حتى لا يعرف فرائض الإسلام، فعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يَدْرُس الإسلام كما يدرُسُ وَشْيُ الثوب، حتى لا يُدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة، وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية، وتبقى طوائف من الناس الشيخ الكبير والعجوز، يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة: لا إله إلا الله، فنحن نقولها )، فقال له صلة: ما تغني عنهم لا إله إلا الله وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة؟! فأعرض عنه حذيفة، ثم ردّها عليه ثلاثا، كلّ ذلك يعرض عنه حذيفة، ثم أقبل عليه في الثالثة فقال: يا صلة، تنجيهم من النار ثلاثا[29].
وأعظم من هـذا أن لا يذكر اسم الله تعـالى في الأرض، فعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قـال: ( لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض: الله الله )[30].
قال ابن كثير رحمه الله: "في معنى هذا الحديث قولان:
أحدهما: أن معناه أن أحداً لا ينكر منكراً، ولا يزجر أحداً إذا رآه قد تعاطى منكراً، وعبر عن ذلك بقوله: ( حتى لا يقال: الله الله )، كما تقدم في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: ( فيبقى فيها عجاجة، لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا )[31].
القول الثاني: حتى لا يذكر الله في الأرض، ولا يعرف اسمه فيها، وذلك عند فساد الزمان، ودمار نوع الإنسان، وكثرة الكفر والفسوق والعصيان "[32].
7- زخرفة المساجد والتباهي بها: عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من أشراط الساعة أن يتباهى الناس في المساجد )[33].
قال أنس رضي الله عنه: ( يتباهون بها ثم لا يعمرونها إلا قليلاً ).
وقال ابن عباس رضي الله عنه: ( لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى ).
وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: كان سقف المسجد من جريد النخل، وأمر عمر ببناء المسجد، وقال: ( أكنَّ الناسَ من المطر، وإياك أن تحمِّر أو تصفِّر، فتفتن الناس )[34].
ولم يقتصر الناس اليوم على التحمير والتصفير، بل تعدّوا ذلك إلى نقش المساجد كما ينقش الثوب، وتباهى الملوك والخلفاء في بناء المساجد وتزويقها، حتى أتوا في ذلك بالعجب.
قال المناوي رحمه الله: "فزخرفة المساجد وتحلية المصاحف منهي عنها؛ لأن ذلك يشغل القلب، ويلهي عن الخشوع والتدبر والحضور مع الله تعالى، والذي عليه الشافعية أن تزويق المسجد ولو الكعبة بذهب أو فضة حرام مطلقاً، وبغيرهما مكروه"[35].
8- ضياع الأمانة: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدث القوم جاءه أعرابي فقال: متى الساعة ؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث، فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال، وقال بعضهم: بل لم يسمع، حتى إذا قضى حديثه قال: ( أين أراه السائل عن الساعة ؟ ) قال: ها أنا يا رسول الله، قال: ( فإذا ضيِّعت الأمانة فانتظر الساعة )، قال: كيف إضاعتها؟ قال: ( إذا وسِّد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة )[36].
قال ابن حجر رحمه الله: "( إذا وسِّد ) أي: أسند، وأصله من الوسادة، وكان من شأن الأمير عندهم إذا جلس أن تثنى تحته وسادة، فقولـه: ( وسد ) أي: جعِلَ له غيْر أهْله وسـادا، فتكون ( إلى ) بمعنى اللام، وأتى بها ليدل على تضمين معنى أُسند ... ومناسبَة هذا المتن لكِتاب العلم أَنَّ إسناد الأمر أهله إنما يكون عند غلبة الجهل ورفع العلم، وذلك من جملة الأشراط، ومقتضاه أن العلم ما دام قائما ففي الأمر فسحة"[37].
وقد بين صلى الله عليه وسلم كيف ترفع الأمانة من القلوب، فعن حذيفة رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين، رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر، حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم علموا من القرآن، ثم علموا من السنة، وحدثنا عن رفعها، قال: ( ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه، فيظلّ أثرها مثل أثر الوكت[38]، ثم ينام النومة فتقبض، فيبقى أثرها مثل المجل[39] كجمر دحرجته على رجلك فنفط[40] فتراه منتبراً[41] وليس فيه شيء، فيصبح الناس يتبايعون، فلا يكاد أحدهم يؤدي الأمانة، فيقال: إن في بني فلان رجلاً أميناً، ويقال للرجل: ما أعقله! وما أظرفه! وما أجلده! وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان )، ولقد أتى عليّ زمان وما أبالي أيكم بايعت، لئن كان مسلما ردّه علي الإسلام، وإن كان نصرانيا ردّه علي ساعيه، فأما اليوم فما كنت أبايع إلا فلانا وفلانا[42].
ومن تأمّل أحوال الناس اليوم علم مصداق قوله صلى الله عليه وسلم. __________________________________________________ _______________________ أشراط الساعة الصغرى 2
9- اتباع سنن الأمم الماضية:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قـال: ( لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها، شبرا بشبر وذراعا بذراع )، فقيل: يـا رسول الله، كفـارس والروم ؟ فقـال: ( ومن الناس إلا أولئك )[1].
قال النووي رحمه الله: "والمراد بالشبر والذراع وجحر الضب التمثيل بشدة الموافقة لهم، والمراد الموافقة في المعاصي والمخالفات لا في الكفر. وفي هذا معجزة ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم"[2].
قال المهلب رحمه الله: "أعلم صلى الله عليه وسلم أن أمته ستتبع المحدثات من الأمور والبدع والأهواء، كما وقع للأمم قبلهم، وقد أنذر في أحاديث كثيرة بأن الآخر شرّ، والساعة لا تقوم إلا على شرار الناس، وأن الدين إنما يبقى قائما عند خاصة من الناس"[3].
قال ابن حجر: "وقد وقع معظم ما أنذر به صلى الله عليه وسلم، وسيقع بقية ذلك"[4].
10- إفاضة المال وكثرته: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم المال فيفيض، حتى يهم ربّ المال من يقبل صدقته، وحتى يعرضه فيقول الذي يعرضه عليه: لا أرب لي )[5].
قال ابن حجر رحمه الله: "في هذا الحديث إشارة إلى ثلاثة أحوال:
الأولـى: إلى كثرة المـال فقط، وقد كـان ذلك في زمن الصّحـابة، ومن ثمّ قيـل فيـه: ( يكثر فيكم ).
الحالة الثانية: الإشارة إلى فيضه من الكثرة، بحيث أن يحصل استغناء كلّ أحد عن أخذ مال غيره, وكان ذلك في آخر عصر الصّحابة وأوّل عصر من بعدهم، ومن ثمّ قيل: ( يهمّ ربّ المال )، وذلك ينطبق على ما وقع في زمن عمر بن عبد العزيز.
الحالة الثّالثة: فيه الإشارة إلى فيضه وحصول الاستغناء لكلّ أحد، حتّى يهتمّ صاحب المال بكونه لا يجد من يقبل صدقته، ويزداد بأنّه يعرضه علـى غيره ولو كان ممّن لا يستحقّ الصّدقة فيأبى أخذه، فيقول: لا حاجة لي فيه، وهـذا في زمن عيسى صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن يكون هذا الأخير خروج النّار واشتغـال النّاس بأمر الحشر فـلا يلتفت أحد حينئذ إلى المـال، بل يقصد أن يتخفّف مـا استطاع"[6].
11- عَود أرض العرب مروجاً وأنهاراً: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تقوم الساعة حتى يكثر المال ويفيض حتى يخرج الرجل بزكاة ماله فلا يجد أحدا يقبلها منه، وحتى تعود أرض العرب مروجا وأنهارا )[7].
قال النووي رحمه الله: "قوله صلى الله عليه وسلم: ( حتى تعود أرض العرب مروجا وأنهارا ) معناه والله أعلم أنهم يتركونها ويعرضون عنها، فتبقى مهملة، لا تزرع ولا تسقى من مياهها، وذلك لقلة الرجال وكثرة الحروب وتراكم الفتن وقرب الساعة وقلة الآمال وعدم الفراغ لذلك والاهتمام به"[8].
قال الشيخ يوسف الوابل: "والذي يظهر لي أن ما ذهب إليه النووي رحمه الله فيه نظر؛ فإن أرض العرب قاحلة شحيحة المياه قليلة النبات، غالب مياهها من الآبار والأمطار، فإذا تركت واشتغل عنها أهلها ما زرعوها، ولم تعد مروجاً وأنهاراً.
وظاهر الحديث يدلّ على أن بلاد العرب ستكثر فيها المياه، حتى تكون أنهاراً، فتنبت بها النباتات، فتكون مروجاً وحدائق وغابات.
والذي يؤيد هذا أنه ظهر في هذا العصر عيونٌ كثيرة تفجّرت كالأنهار، وقامت عليها زراعاتٌ كثيرة، وسيكون ما أخبر الصادق صلى الله عليه وسلم، فقد روى معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في غزوة تبوك: ( إنكم ستأتون غدا إن شاء الله عين تبوك، وإنكم لن تأتوها حتى يضحي النهار، فمن جاءها منكم فلا يمسّ من مائها شيئا حتى آتي )، فجئناها وقد سبقنا إليها رجلان، والعين مثل الشراك[9] تبضّ بشيء من مـاء، قال: فسألهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( هل مسستما من مائها شيئا ؟ ) قالا: نعم، فسبّهما النبي صلى الله عليه وسلم، وقال لهما ما شاء الله أن يقول، قال: ثم غرفوا بأيديهم من العين قليلاً قليلاً حتى اجتمع في شيء، قال: وغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه يديه ووجهه، ثم أعاده فيها، فجرت العين بماء منهمر - أو قال: غزير - حتى استقى الناس، ثم قال: ( يوشك - يا معاذ - إن طالت بك حياة أن ترى ما ها هنا قد ملئ جناناً )[10]"[11].
قال الشيخ الألباني رحمه الله: "وقد بدأت تباشير هذا الحديث تتحقّق في بعض الجهات من جزيرة العرب بما أفاض الله عليها من خيرات وبركات وآلات ناضحات تستنبط الماء الغزير من بطن أرض الصحراء، وهناك فكرة بجرّ نهر الفرات إلي الجزيرة، كنّا قرأناها في بعض الجرائد المحلية، فلعلها تخرج إلى حيز الوجود، وإن غداً لناظره لقريب"[12].
12- انشقاق القمر: قال الله تعالى: ( ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ ) [القمر:1].
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قـال: انشقّ القمر ونحن مع النبي صلى الله عليه وسلم فصـار فرقتين، فقال لنـا: ( اشهدوا، اشهدوا )[13].
13- ظهور نار في الحجاز: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز، تضيء أعناقَ الإبل ببصرى )[14].
قال النووي رحمه الله: "وقد خرجت في زماننا نار بالمدينة سنة أربع وخمسين وستمائة، وكانت ناراً عظيمة جداً، من جنب المدينة الشرقي وراء الحرة، تواتر العلم بها عند جميع الشام وسائر البلدان، وأخبرني من حضرها من أهل المدينة"[15].
ونقل ابن كثير رحمه الله أن غير واحد من الأعراب ممن كان بحاضرة بصرى شاهدوا أعناق الإبل في ضوء هذه النار التي ظهرت في الحجاز[16].
قال ابن حجر رحمه الله: "والذي ظهر لي أن النار المذكورة في حديث الباب هي التي ظهرت بنواحي المدينة، كما فهمه القرطبي وغيره، وأما النار التي تحشر الناس فنار أخرى"[17].
14- ظهور مدعي النبوة: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريبا من ثلاثين، كلهم يزعم أنه رسول الله )[18].
وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يكون في آخر الزمان دجالون كذابون، يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم، فإياكم وإياهم، لا يضلونكم ولا يفتنونكم )[19].
قال ابن حجر رحمه الله: "قلت: وقد ظهر مصداق ذلك في آخر زمن النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج مسيلمة باليمامة, والأسود العنسي باليمن, ثم خرج في خلافة أبي بكر طليحة بن خويلد في بني أسد بن خزيمة, وسجاح التميمية في بني تميم, وفيها يقول شبيب بن ربعي وكان مؤدّبها:
أضحت نبيّتنا أنثى نطيف بها وأصبحت أنبياء الناس ذكرانا وقتل الأسود قبل أن يموت النبي صلى الله عليه وسلم، وقتل مسيلمة في خلافة أبي بكر, وتاب طليحة ومات على الإسلام على الصحيح في خلافة عمر, ونقل أن سجاح أيضا تابت, وأخبار هؤلاء مشهورة عند الإخباريين. ثم كان أول من خرج منهم المختار بن أبي عبيد الثقفي غلب على الكوفة في أول خلافة ابن الزبير، فأظهر محبة أهل البيت، ودعا الناس إلى طلب قتلة الحسين، فتبعهم فقتل كثيرا ممن باشر ذلك أو أعان عليه فأحبّه الناس, ثم زيّن له الشيطان أن ادّعى النبوة وزعم أن جبريل يأتيه. ومنهم الحارث الكذاب، خرج في خلافة عبد الملك بن مروان فقتل. وخرج في خلافة بني العباس جماعة, وليس المراد بالحديث من ادعى النبوة مطلقا؛ فإنهم لا يحصَون كثرة لكون غالبهم ينشأ لهم ذلك عن جنون أو سوداء، وإنما المراد من قامت له شوكة وبدت له شبهة كمن وصفنا. وقد أهلك الله تعالى من وقع له ذلك منهم، وبقي منهم من يلحقه بأصحابه وآخرهم الدجال الأكبر"[20].
وظهر في العصر الحديث ميرزا غلام أحمد القادياني بالهند، وادعى النبوة، وأنه المسيح المنتظر، وأن عيسى ليس بحيّ في السماء إلى غير ذلك من الترهات والادعاءات الباطلة، وقد صار له أتباع وأنصار، وقد وفّق الله كوكبة من العلماء فردّوا عليه، وبيّنوا زيفه وكذبه، وقد هلك والحمد اللهيتااابع... | |
|
نور الهدى عضو سوبر
عدد الرسائل : 527 تاريخ التسجيل : 20/02/2007
| موضوع: رد: العلامات الصغرى ليوم القيامة الأربعاء فبراير 10, 2010 8:18 am | |
| تتمــة أشراط الساعة الصغرى 3 15- قتال الترك: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون الترك، قوما وجوههم كالمجان المطرقة[1]، يلبسون الشعر، ويمشون في الشعر )[2].
وعن عمرو بن تغلب رضي الله عنه قـال: قـال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوما ينتعلون نعال الشعر، وإن من أشراط الساعـة أن تقاتلوا قومـا عراض الوجوه، كأن وجوههم المجانّ المطرقـة )[3].
قال ابن حجر رحمه الله: "قاتل المسلمون الترك في خلافة بني أمية، وكان ما بينهم وبين المسلمين مسدودا إلى أن فتح ذلك شيئا بعد شيء، وكثر السبي منهم، وتنافس الملوك فيهم لما فيهم من الشدة والبـأس، حتى كان أكثر عسكر المعتصم منهم، ثم غلب الأتراك علـى الملك، فقتلوا ابنه المتوكل، ثم أولاده واحداً بعد واحد، إلى أن خالط المملكـة الديلم، ثم كان الملوك السَّامانية من الترك أيضـا، فملكوا بـلاد العجم، ثم غلب على تلك الممالك آل سبكتكين، ثم آل سلجوق، وامتدت مملكتهم إلى العراق والشام والروم، ثم كـان بقايا أتباعهم بالشام وهم آل زنكي، وأتباع هؤلاء وهم بيت أيوب، واستكثر هؤلاء أيضـا من الترك، فغلبوهم على المملكة بالديار المصرية الشامية والحجازية. وخرج على آل سلجوق في المائة الخامسـة الغزُّ، فخربوا البلاد، وفتكوا في العبـاد. ثم جاءت الطامة الكبرى بالططر (التتار)، فكان خروج جنكز خان بعد الستمائة، فأسعرت بهم الدنيا نـاراً، خصوصاً المشرق بأسره، حتى لم يبق بلـد منه حتى دخله شرهم، ثم كان خراب بغداد وقتل الخليفة المسعتصم آخر خلفائهم علـى أيديهم في سنة ست وخمسين وستمائة، ثم لم تزل بقايـاهم يخربون إلى أن كان آخرهم اللنك، ومعناه: الأعرج، واسمه تَمُر بفتح المثناة وضمّ الميم، وربمـا أشبعت، فطرق الديار الشامية وعاث فيها، وحرق دمشق حتى صارت خاوية على عروشها، ودخل الروم والهند وما بين ذلك، وطالت مدته إلى أن أخذه الله، وتفرق بنوه البلاد.
وظهر بجميع ما أوردته مصداق قوله صلى الله عليه وسلم: ( إن بني قنطوراء أول من سلب أمتي ملكهم )، والمراد ببني قنطورا الترك، وكأنه يريد بقوله: ( أمّتي ) أمةَ النسب، لا أمة الدعوة، يعني العرب. والله أعلم"[4].
وعلى هذا يكون التتار الذين ظهروا في القرن السابع الهجري هم من الترك؛ فإن الصفات التي جاءت في وصف الترك تنطبق على التتار ( المغول ).
قال النووي رحمه الله: "وهذه كلها معجزات لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد وجد قتال هؤلاء الترك بجميع صفاتهم التي ذكرها صلى الله عليه وسلم: صغار الأعين، حمر الوجوه، ذُلفُ الأنف، عراض الوجوه، كأن وجوههم المجان المطرقة، ينتعلون الشعر، فوجدوا كلها في زماننا، وقاتلهم المسلمون مرات، وقتالهم الآن. ونسأل الله الكريم إحسان العاقبة للمسلمين في أمرهم وأمر غيرهم وسائر أحوالهم وإدامة اللطف بهم والحماية، وصلى الله على رسوله الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحي"[5].
16- قتال العجم: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا خوزاً وكرمان من الأعاجم، حمر الوجوه، فطس الأنوف، صغار الأعين، وجوههم المجان المطرقة، نعالهم الشعر )[6].
في هذا الحديث ذكر قتـال خوز وكرمان، وهما ليسـا من بلاد الترك، وإن جاء وصفهم كوصف الترك.
قال ابن حجر رحمه الله: "ويمكن أن يجاب بأن هذا الحديث غير حديث قتال الترك، ويجتمع منهما الإنذار بخروج الطائفتين"[7].
17- انتشار الأمن: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تقوم الساعة حتى يسير الراكب بين العراق ومكة لا يخاف إلا ضلال الطريق )[8].
وقد وقع هذا في زمن الصحابة رضي الله عنهم، حينما عمّ الإسلام والعدل البلاد التي فتحها المسلمون[9].
ويؤيده حديث عدي رضي الله عنه قال: بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا إليه قطع السبيل، فقال: ( يا عديّ، هل رأيت الحيرة ؟ ) قلت: لم أرها، وقد أنبئت عنها، قـال: ( فإن طـالت بك حياة لترينّ الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة، لا تخاف أحدا إلا الله )[10].
وسيكون ذلك أيضـاً في زمن المهدي وعيسى عليه السلام، حينمـا يحلّ الخير والعدل مكان الشرّ والجور والظلم.
18- كثرة الشُّرَط وأعوان الظلمة: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يوشك إن طالت بك مدة أن ترى قوما في أيديهم مثل أذناب البقر، يغدون في غضب الله، ويروحون في سخط الله )[11].
وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ... )[12].
قال النووي رحمه الله: "هذا الحديث من معجزات النبوة، فقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم، فأما أصحاب السياط فهم غلمان والي الشرطة"[13].
19- انتشار الربا: عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( بين يدي الساعة: يظهر الربا ... )[14].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال، أمن حلالٍ أم من حرامٍ )[15].
ومن تأمل أحوال الناس اليوم مع انتشار كثير من المعاملات المصرفية الربوية علم أن حالهم مطابق لما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.
20- انتشار الزنا: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويثبت الجهل ويشرب الخمر ويظهر الزنا )[16].
وأعظم من ذلـك استحلال الزنـا، فعن أبي مـالك الأشعري رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقـول: ( ليكونن من أمتي أقوام يستحلّون الحِرَ والحرَير والخمر والمعازف )[17].
قال القرطبي رحمه الله: "في هذا الحديث علم من أعلام النبوة، إذ أخبر عن أمور ستقع، فوقعت، خصوصا في هذه الأزمان"[18].
وإذا كان هذا في زمان القرطبي فهو في زماننا هذا أكثر شيوعاً.
قال الشيخ حمود بن عبد الله التويجري رحمه الله: "وأما الزنا فقد جعل له أسواق معروفة في كثير من البلاد التي ينتسب أهلها إلى الإسلام، وما يفعل في غير الأسواق أكثر وأكثر"[19].
بل الأدهى من ذلك أن العاهرات في هذا الزمن قد جعل لهن تصاريح بمزاولة العهر والفجور من قبل جهات مختصة، فاللهم سلّم سلّم.
21- ظهور المعازف واستحلالها: عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( سيكون في آخر الزمان خسف وقذف ومسخ )، قيل: ومتى ذلك يا رسول الله ؟ قال: ( إذا ظهرت المعازف والقينات )[20].
وهذه العلامة قد وقع شيء كبير منها في العصور السابقة، وهي الآن أكثر ظهوراً، فقد ظهرت المعازف في هذا الزمان، وانتشرت انتشاراً عظيماً، وكثر المغنون والمغنيات، وهم المشار إليهم في هذا الحديث بالقينات.
وأعظم من ذلك استحلال كثير من الناس للمعازف، وقد جاء الوعيد لمن فعل ذلك بالمسخ والقذف والخسف كما في الحديث السابق، ولما ثبت عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة لهم، يأتيهم - يعني: الفقير - لحاجة، فيقولوا: ارجع إلينا غداً، فيبيتهم الله، ويضع العلم، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة )[21].
22- كثرة شرب الخمر واستحلالها: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويثبت الجهل ويشرب الخمر ويظهر الزنا )[22].
وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة لهم، يأتيهم - يعني: الفقير - لحاجة، فيقولوا: ارجع إلينا غداً، فيبيتهم الله، ويضع العلم، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة )[23].
قال ابن العربي: "يحتمل أن يكون المعنى يعتقدون ذلك حلالاً، ويحتمل أن يكون ذلك مجازا على الاسترسال، أي: يسترسلون في شربها كالاسترسال في الحلال"[24].
وقد وقع مصداق ذلك في زماننا، حتى أطلق على أم الخبائث اسم "المشروبات الروحية".
وأعظم من ذلك بيعها جهاراً وشربها علانية في بعض البلدان الإسلامية، وانتشار المخدرات انتشاراً عظيما لم يسبق له مثيل، مما ينذر بخطر عظيم وفساد كبير، والأمر لله من قبل ومن بعد[25].
23- التطاول في البنيان: عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجبريل عندما سأله عن الساعة: ( ما المسؤول عنها بأعلم من السائل )، قال: فأخبرني عن أمارتها، قال: ( أن تلد الأمة ربّتها، وأن ترى الحفاة العراة العالةَ رعاء الشاء يتطاولون في البنيان )[26].
قال النووي رحمه الله: "أما العالة فهم الفقراء، والعائل الفقير، والعيلة الفقر، وعال الرجل يعيل عيلة أي: افتقر. والرعاء بكسر الراء وبالمد، ويقال فيهم رعاة بضم الراء وزيادة الهاء بلا مد. ومعناه أن أهل البادية وأشباههم من أهل الحاجة والفاقة تبسط لهم الدنيا حتى يتباهون في البنيان. والله أعلم"[27].
وقال ابن حجر رحمه الله: "وهي من العلامات التي وقعت عن قرب في زمن النبوة، ومعنى التطاول في البنيان أن كلاً ممن كان يبني بيتا يريد أن يكون ارتفاعه أعلى من ارتفاع الآخر، ويحتمل أن يكون المراد المباهاة به في الزينة والزخرفة، أو أعم من ذلك، وقد وجد الكثير من ذلك، وهو في ازدياد"[28].
وقد ظهر هذا جلياً في عصرنا هذا، فتطاول الناس في البنيان، بل وصل بهم الأمر إلى أن بنوا ما يشبه ناطحات السحاب.
24- ولادة الأمة لربتها: عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجبريل عندما سأله عن الساعة: ( ما المسؤول عنها بأعلم من السائل )، قال: فأخبرني عن أمارتها، قال: ( أن تلد الأمة ربّتها، وأن ترى الحفاة العراة العالةَ رعاء الشاء يتطاولون في البنيان )[29].
وقد اختلف العلماء رحمهم الله في معنى هذه العلامة على أقوال:
القول الأول: قال الخطابي رحمه الله: "قوله: ( أن تلد الأمة ربّتها ) معناه: أن يتّسع الإسلام، ويكثر السبي، ويستولد الناس أمهات الأولاد، فتكون ابنة الرجل من أمته في معنى السيده لأمها، إذا كانت مملوكة لأبيها، وملك الأب راجع في التقدير إلى الولد"[30].
وذكر النووي أنه قول الأكثرين من العلماء[31].
قال ابن حجر رحمه الله: "لكن في كونه المراد نظر؛ لأن استيلاد الإماء كان موجوداً حين المقالة، والاستيلاء على بلاد الشرك وسبي ذراريهم واتخاذهم سراري وقع أكثره في صدر الإسلام، وسياق الكلام يقتضى الإشارة إلى وقوع ما لم يقع مما سيقع قرب قيام الساعة"[32].
القول الثاني: أن الإماء يلدن الملوك، فتصير الأم من جملة الرعية، والملك سيد رعيته.
القول الثالث: أن تلد الأمة حراً من غير سيدها بوطء شبهة، أو رقيقا بنكاح أو زنا، ثم تباع الأمة في الصورتين بيعا صحيحا، وتدور في الأيدي، حتى يشتريها ابنها أو ابنتها.
القول الرابع: أن يكثر العقوق في الأولاد، فيعامل الولد أمه معاملة السيد أمته من الإهانة بالسب والضرب والاستخدام، فأطلق عليه ربها مجازا، أو المراد بالرب المربي فيكون حقيقة.
قال ابن حجر رحمه الله: "وهذا أوجَه الأوجه عندي لعمومه، ولأن المقام يدلّ على أن المراد حالة تكون - مع كونها تدلّ على فساد الأحوال- مستغربة، ومحصله الإشارة إلى أن الساعة يقرب قيامها ثم انعكاس الأمور، بحيث يصير المربي مربيا، والسافل عاليا، وهو مناسب لقوله في العلامة الأخرى أن تصير الحفاة ملوك الأرض"[33].
القول الخامس: أن الإماء تكون في آخر الزمان هن المشار إليهن بالحشمة، فتكون الأمة تحت الرجل الكبير دون غيرها من الحرائر، ولهذا قرن ذلك بقوله: ( وأن ترى الحفاة العراة العلة يتطاولون في البنيان )"[34].
25- كثرة القتل: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تقوم الساعة حتى يكثر الهرج )، قالوا: وما الهرج يا رسول الله ؟ قال: ( القتل، القتل )[35].
وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( والذي نفسي بيده لا تذهب الدنيا حتى يأتي على الناس يوم لا يدري القاتل فيم قَتَل، ولا المقتول فيم قُتِل )، فقيل: كيف يكون ذلك ؟ قال: ( الهرج، القاتل والمقتول في النار )[36].
إن ما حصل في القرون الأخيرة من الحروب المدمرة بين الأمم، والتي ذهب ضحيتها الألوف من البشر، حتى صار الواحد يقتل الآخر ولا يعرف الباعث له على ذلك، لمصداق لخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث.
26- تقارب الزمان: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم، وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج وهو القتل القتل، حتى يكثر فيكم المال فيفيض )[37].
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان، فتكون السنة كالشهر، والشهر كالجمعة، وتكون الجمعة كاليوم، ويكون اليوم كالساعة، وتكون الساعة كالضرمة بالنار )[38].
وللعلماء عدّة أقوال في المراد بتقارب الزمان:
القول الأول: أن المراد بذلك قلة البركة في الزمان[39].
قال ابن حجر رحمه الله: "قد وجد في زماننا هذا، فإننا نجد من سرعة مرِّ الأيام ما لم نكن نجده في العصر الذي قبل عصرنا هذا"[40].
القول الثاني: أن المراد بذلك هو ما يكون في زمان المهدي وعيسى عليه السلام، من استلذاذ الناس للعيش وتوفر الأمن وغلبة العدل، وذلك أن الناس يستقصرون أيام الرخاء وإن طالت، وتطول عليهم مدة الشدة وإن قصرت[41].
القول الثالث: أن المراد تقارب أحوال أهله في قلة الدين، حتى لا يكون منهم من يأمر بمعروف وينهى عن منكر؛ لغلبة الفسق وظهور أهله[42].
القول الرابع: أن المراد تقارب أهل الزمان بسبب توفر وسائل الاتصالات والمراكب الأرضية والجوية السريعة التي قربت البعيد[43].
القول الخامس: أن المراد هو قصر الزمان وسرعتة سرعة حقيقية، وذلك في آخر الزمان.
قال ابن أبي جمرة رحمه الله: "يحتمل أن يكون المراد بتقارب الزمان قصره على ما وقع في حديث: ( لا تقوم الساعة حتى تكون السنة كالشهر )، وعلى هذا فالقصر يحتمل أن يكون حسيا ويحتمل أن يكون معنويا، أما الحسي فلم يظهر بعد، ولعله من الأمور التي تكون قرب قيام الساعة، وأما المعنوي فله مدة منذ ظهر، يعرف ذلك أهل العلم الديني ومن له فطنة من أهل السبب الدنيوي، فإنهم يجدون أنفسهم لا يقدر أحدهم أن يبلغ من العمل قدر ما كانوا يعملونه قبل ذلك، ويشكون ذلك، ولا يدرون العلة فيه، ولعل ذلك بسبب ما وقع من ضعف الإيمان؛ لظهور الأمور المخالفة للشرع من عدة أوجه، وأشدّ ذلك الأقوات، ففيها من الحرام المحض ومن الشبه ما لا يخفى، حتى إن كثيرا من الناس لا يتوقّف في شيء، ومهما قدر على تحصيل شيء هجم عليه ولا يبالي. والواقع أن البركة في الزمان وفي الرزق وفي النبت إنما يكون من طريق قوة الإيمان واتباع الأمر واجتناب النهي، والشاهد لذلك قوله تعالى: ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰ ءامَنُواْ وَٱتَّقَوْاْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَـٰتٍ مّنَ ٱلسَّمَاء وَٱلأرْضِ ) [الأعراف:96]"[44]. __________________________________________________ ______________________ أشراط الساعة الصغرى 4 27- تقارب الأسواق: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تقوم الساعة حتى تظهر الفتن، ويكثر الكذب، ويتقارب الأسواق ... )[1]. قال الشيخ حمود التويجري رحمه الله: "وأما تقارب الأسواق فقد جاء تفسيره في حديث ضعيف بأنه كسادها وقلة أرباحها، والظاهر والله أعلم أن ذلك إشارة إلى ما وقع في زماننا من تقارب أهل الأرض؛ بسبب المراكب الجوية والأرضية والآلات الكهربائية التي تنقل الأصوات، كالإذاعات والتلفونات الهوائية التي صارت أسواق الأرض متقاربة بسببها، فلا يكون تغير في الأسعار في قطر من الأقطار إلا ويعلم به التجار أو غالبهم في جميع أرجاء الأرض فيزيدون في السعر إن زاد، وينقصون إن نقص، ويذهب التاجر في السيارات إلى أسواق المدائن التي تبعد عنه مسيرة أيام، فيقضي حاجته منها ثم يرجع في يوم أو بضع يوم، ويذهب في الطائرات إلى أسواق المدائن التي تبعد عنه مسيرة شهر أو أكثر، فيقضي حاجته منها ويرجع في يوم أو بضع يوم. فقد تقاربت الأسواق من ثلاثة أوجه: الأول: سرعة العلم بما يكون فيها من زيادة السعر ونقصانه. الثاني: سرعة السير من سوق إلى سوق، ولو كانت مسافة الطريق بعيدة جداً. الثالث: مقاربة بعضها بعضاً في الأسعـار، واقتداء بعض أهلهـا ببعض في الزيادة والنقصان، والله أعلم"[2].
28- ظهور الشرك في هذه الأمة: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة )[3]. قال الشيخ يوسف الوابل: "وقد وقع ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث، فإن قبيلة دوس وما حولها من العرب قد افتتنوا بذي الخلصة عندما عاد الجهل إلى تلك البلاد، فأعادوا سيرتها الأولى، وعبدوها من دون الله حتى قام الشيخ محمد بن عبد الوهاب بالدعوة إلى التوحيد، وجدد ما اندرس من الدين، وعاد الإسلام إلى جزيرة العرب، فقام الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود رحمه الله وبعث جماعة من الدعاة إلى ذي الخلصة فخربوها، وهدموا بعض بنائها، ولما انتهى حكم آل سعود على الحجاز في تلك الفترة عاد الجهال إلى عبادتها مرة أخرى، ثم لما استولى الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله على الحجاز أمر عامله عليها، فأرسل جماعة من جيشه فهدموها، وأزالوا أثرها ولله الحمد والمنة. ومظاهر الشرك كثيرة فليست محصورة في عبادة الحجارة والأشجار والقبور بل تتعدى ذلك إلى اتخاذ الطواغيت أنداداً مع الله تعالى، وغير ذلك"[4].
29، 30، 31- ظهور الفحش وقطيعة الرحم وسوء الجوار: عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والتفاحش وقطيعة الرحم وسوء المجاورة )[5]. قال الشيخ يوسف الوابل: "وقد وقع ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، فانتشر الفحش بين كثير من الناس، غير مبالين بالتحدث بما يرتكبون من المعاصي، وما يترتب عليه من عقاب شديد، وقطعت الأرحام، فالقريب لا يصل قريبه، بل حصل بينهم التقاطع والتدابر، وأما سوء الجوار فحدِّث عنه ولا حرج، فكم من جار لا يعرف جاره، ولا يتفقد أحواله"[6].
32- تشبّب المشيخة: عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يكون قوم في آخر الزمان يخضبون بهذا السواد، كحواصل الحمام، لا يريحون رائحة الجنة )[7]. قـال الشيخ يوسف الوابل: "ما جـاء في هذا الحديث واقع في هـذا الزمن، فـإنه انتشر بين الرجـال صبغ لحـاهم ورؤوسهم بالسواد. والذي يظهـر لـي والله أعلـم أن قولـه صلى الله عليه وسلم: ( كحواصل الحمام ) تشبيه لحـال بعض المسلمين في هذا العصر، فتجدهم يصنعون بلحاهم كهيئة حواصل الحمام، يحلقون عوارضهم، ويدعون مـا على أذقانهم من الشعر، ثم يصبغونـه بالسواد، فيغدو كحواصل الحمام"[8].
33- كثرة الشح[9]: عن أبي هريرة رضي الله عنه قـال: قـال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يتقارب الزمـان، وينقص العمـل، ويلقى الشح ... )[10]. وعنه رضي الله عنه قال: ( إن من أشراط الساعة أن يظهر الشح )[11].
34- كثرة التجارة وإعانة المرأة زوجها عليها: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة، وفشوّ التجارة، حتى تعين المرأة زوجها على التجارة ... )[12]. وعن عمرو بن تغلب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن من أشراط الساعة أن يفشو المال ويكثر، وتفشو التجارة ... )[13]. وقد وقع هذا الأمر، فكثرت التجارة، وشاركت فيها النساء، وافتتن الناس بجمع المال، وتنافسوا فيه.
35- كثرة الزلازل: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم، وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج وهو القتل القتل، حتى يكثر فيكم المال فيفيض )[14]. قال ابن حجر رحمه الله: "قد وقع في كثير من البلاد الشمالية والشرقية والغربية كثير من الزلازل، ولكن الذي يظهر أن المراد بكثرتها شمولها ودوامها"[15].
36، 37، 38- ظهور الخسف والمسخ والقذف: عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يكون في آخر الأمة خسف ومسخ وقذف )، قالت: قلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال: ( نعم إذا ظهر الخبث )[16]. والخسف قد وجد في مواضع في الشرق والغرب قبل عصرنا هذا[17]، ووقع في هذا الزمن كثير من الخسوفات في أماكن متفرقة من الأرض.
39- ذهاب الصالحين: عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تقوم الساعة حتى يأخذ الله شريطته[18] من أهل الأرض، فيبقى فيها عجاجة[19] لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا )[20]. قال الشيخ يوسف الوابل: "وذهاب الصالحين يكون عند كثرة المعاصي وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"[21].
40- ارتفاع الأسافل: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنها ستأتي على الناس سنون خداعة، يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن ويخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة ) قيل: وما الرويبضة ؟ قال: ( السفيه يتكلّم في أمر العامة )[22]. وفي حديث جبريل الطويل قوله: ( ولكن سأحدثك عن أشراطها... وإذا كانت العراة الحفاة رؤوس الناس فذاك من أشراطها )[23]. قال ابن رجب رحمه الله: "فإنه إذا صار الحفاة العراة رعاء الشاء وهم أهل الجهل والجفاء رؤساء الناس وأصحاب الثروة والأموال فإنه يفسد بذلك نظام الدين والدنيا؛ فإنه إذا كان رؤوس الناس من كان فقيراً عائلاً فصار ملكاً على الناس سواءً كان ملكه عاماً أو خاصاً في بعض الأشياء فإنه لا يكاد يعطي الناس حقوقهم، بل يستأثر عليهم بما استولى عليهم من المال، وإذا كان مع هذا جاهلاً جافياً فسد بذلك الدين؛ لأنه لا يكون له همة في إصلاح دين الناس ولا تعليمهم، بل همته في جباية المال وإكثاره، ولا يبالي بما أفسد من دين الناس، ولا بمن أضاع من أهل حاجاتهم"[24]. وجاء في حديث حذيفة رضي الله عنه: قال صلى الله عليه وسلم: ( ويقال للرجل: ما أعقله! وما أظرفه! وما أجلده! وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان )[25]. قال الشيخ يوسف الوابل: "وهذا هو الواقع بين المسلمين في هـذا العصر، يقولون للرجل: ما أعقله! مـا أحسن خلقه! ويصفونـه بأبلغ الأوصاف الحسنـة، وهو من أفسق النـاس، وأقلهم ديناً وأمانة، وقد يكون عـدواً للمسلمين، ويعمل علـى هـدم الإسلام. فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"[26]. يتاااابع... | |
|
نور الهدى عضو سوبر
عدد الرسائل : 527 تاريخ التسجيل : 20/02/2007
| موضوع: رد: العلامات الصغرى ليوم القيامة الأربعاء فبراير 10, 2010 8:28 am | |
| تتمـــة أشراط الساعة الصغرى 5 41- أن تكون التحية للمعرفة: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن من أشراط الساعة أن يسلّم الرجل على الرجل لا يسلم عليه إلا للمعرفة )[1]. وعنه رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة )[2]. قـال الشيخ حمود التويجري: "وقد ظهر مصداق هذين الحديثين في زماننـا، ورأينـا ذلك في بلدان شتى"[3].
42- التماس العلم عند الأصاغر: عن أبي أمية الجمحي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن من أشراط الساعة ثلاثاً: إحداهن التماس العلم عند الأصاغر )[4]. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ( لا يزال الناس صالحين متماسكين ما أتاهم العلم من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ومن أكابرهم، فإذا أتاهم من أصاغرهم هلكوا )[5].
43- ظهور الكاسيات العاريات: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا )[6]. قال النووي رحمه الله: "هذا الحديث من معجزات النبوة، فقد وقع مـا أخبر به صلى الله عليه وسلم، أمـا الكاسيات ففيه أوجه: أحدها: معناه كاسيات من نعمة الله عاريات من شكرها. والثاني: كاسيات من الثياب عاريات من فعل الخير والاهتمام لآخرتهن والاعتناء بالطاعات. والثالث: تكشف شيئا من بدنها إظهاراً لجمالها، فهن كاسيات عاريات. والرابع: يلبسن ثياباً رقاقاً تصِف ما تحتها كاسيات عاريات في المعنى. وأما ( مائلات مميلات ) فقيل: زائغـات عن طاعـة الله تعـالى وما يلزمهن من حفظ الفروج وغيرها، ومميلات: يعلِّمن غيرهنّ مثل فعلهنّ، وقيل: مـائلات متبخترات في مشيتهن، مميلات: أكتـافهن، وقيل: مائلات يتمشطن المشطة الميلاء، وهي مشطة البغـايـا، معروفة لهن، مميلات: يمشطن غيرهن تلك المشطـة، وقيل: مـائلات إلى الرجـال، مميلات لهم بمـا يبدين من زينتهن وغيرها. وأما ( رؤوسهن كأسنمة البخت ) فمعناه: يعظمن رؤوسهن بالخمُر والعمائم وغيرها مما يلفّ على الرأس، حتى تشبه أسنمة الإبل البخت، هذا هو المشهور في تفسيره"[7]. وهذا إخبار عن شيء مشاهد في هذا العصر، فقد أصبح في عصرنا هذا أماكن لتصفيف شعور النساء وتجميلها، وتنويع أشكالها في محلات تسمى ( كوافير )، بل تفاقم الشر وزاد، فكثير من النساء لا يكتفين بما وهبهن الله من شعر طبيعي، فيلجأن إلى شراء شعر صناعي، والله المستعان
44- تكليم السباع والجمادات للإنس: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء ذئب إلى راعي غنم، فأخذ منها شاة، فطلبه الراعي حتى انتزعها منه، قال: فصعد الذئب على تل، فأقعى واستذفر، فقال: عمدتَ إلى رزق رزقنيه الله U انتزعته مني، فقال الرجل: تالله، إن رأيتُ كاليوم ذئبا يتكلم! قال الذئب: أعجبُ من هذا رجل في النخلات بين الحرتين يخبركم بما مضى وبما هو كائن بعدكم، وكان الرجل يهوديا، فجاء الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسلم وأخبره، فصدقه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنها أمارة من أمارات بين يدي الساعة، قد أوشكَ الرجل أن يخرجَ فلا يرجع حتى تحدّثه نعلاه وسوطه ما أحدث أهله بعده )[8]. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قـال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( والذي نفسي بيده، لا تقوم الساعـة حتى يكلّم السباع الإنس، ويكلّم الرجل عذبة سوطه وشراك نعله، ويخبره فخذه بما أحدث أهلـه بعده )[9]. قال الشيخ حمود بن عبد الله التويجري رحمه الله: "فتكليم السبـاع للإنس وتكليـم العذبة والشراك والفخذ مثل نـداء الشجر والحجر بالدلالـة على اليهود، وذلك كلـه علـى الحقيقة لا علـى المجـاز"[10].
45- تمني الموت من شدة البلاء: عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تقوم الساعة حتى يمرّ الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه )[11]. قال ابن بطال رحمه الله: "تغبط أهل القبور وتمنّي الموت عند ظهور الفتن إنما هو خوف ذهاب الدين لغلبة الباطل وأهله وظهور المعاصي والمنكر"[12]. قـال ابن حجر رحمه الله: "وليس هذا عامّا في حقّ كلّ أحد وإنما هو خـاصّ بأهل الخير، وأمّا غيرهم فقد يكون لما يقع لأحدهم من المصيبة في نفسه أو أهلـه أو دنياه، وإن لم يكن في ذلك شيء يتعلق بدينه"[13]. وقال زين الدين العراقي رحمه الله: "ولا يلزم كونه في كلّ بلد، ولا كلّ زمن، ولا في جميع الناس، بل يصدق على اتفاقه للبعض في بعض الأقطار في بعض الأزمان، وفي تعليق تمنيه بالمرور إشعار بشدّة ما نزل بالناس من فساد الحال حالتئذ؛ إذ المرء قد يتمنى الموت استحضارا لهيئته، فإذا شاهد الموتى ورأى القبور نشز بطبعه، ونفر بسجيته من تمنيه، فلقوّة الشدّة لم يصرفه عنه ما شاهده من وحشة القبور، ولا يناقض هذا النهي عن تمني الموت؛ لأنّ مقتضى هذا الحديث الإخبار عمّا يكون، وليس فيه تعرّض لحكم شرعي"[14].
46- كثرة الروم وقتالهم للمسلمين: قال المستورد القرشي عند عمرو بن العـاص رضي الله عنهمـا: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( تقوم الساعة والروم أكثر الناس )، فقال له عمرو: أبصِر ما تقول، قال: أقول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم.[15] وعن عوف بن مالك رضي الله عنه قـال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في قبـة من أدم فقـال: ( اعدُد ستًّا بين يدي الساعة: موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظلّ ساخطا، ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غـاية تحت كلّ غايـة اثنا عشر ألفا )[16]. وعن جابر بن سمرة عن نافع بن عتبة رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فحفظت منه أربع كلمات أعدّهن في يدي، قال: ( تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله، ثم فارس فيفتحها الله، ثم تغزون الروم فيفتحها الله، ثم تغزون الدجال فيفتحه الله )، قال: فقال نافع: يا جابر، لا نرى الدجال يخرج حتى تفتح الروم[17]. وقد جاء وصف للقتال الذي يقع بين المسلمين والروم في حديثٍ عن يسير بن جابر قال: هاجت ريح حمراء بالكوفة، فجاء رجل ليس له هجيرى[18] إلا "يا عبد الله بن مسعود، جاءت الساعة". قال: فقعد وكان متكئا فقال: إن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث، ولا يفرح بغنيمة، ثم قال بيده هكذا، ونحاها نحو الشام، فقال: عدوّ يجمعون لأهل الإسلام، ويجمع لهم أهل الإسلام، قلت: الروم تعني؟ قال: نعم، وتكون عند ذاكم القتال ردّة شديدة، فيشترط المسلمون شرطة[19] للموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل، فيفيء هؤلاء وهؤلاء كلّ غير غالب، وتفنى الشرطة، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل، فيفيء هؤلاء وهؤلاء كلّ غير غالب، ثم تفنى الشرطة، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يمسوا، فيفيء هؤلاء وهؤلاء كلّ غير غالب، وتفنى الشرطة، فإذا كان يوم الرابع، نهد[20] إليهم بقية أهل الإسلام، فيجعل الله الدَبرة[21] عليهم، فيقتلون مقتلة، إما قال: لا يُرى مثلها، وإما قال: لم ير مثلها، حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم، فما يخلفهم حتى يخر ميتا، فيتعادُّ بنو الأب كانوا مائة فلا يجدونه بقي منهم إلا الرجل الواحد، فبأيّ غنيمة يفرح، أو أيّ ميراث يقاسم ؟ فبينما هم كذلك إذ سمعوا ببأس هو أكبر من ذلك، فجاءهم الصريخ: إن الدجال قد خلفهم في ذراريهم، فيرفضون ما في أيديهم ويقبلون، فيبعثون عشرة فوارس طليعة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إني لأعرف أسماءهم وأسماء آبائهم وألوان خيولهم، هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ، أو من خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ )[22]. قال ابن المنير رحمه الله: "أما قصة الروم فلم تجتمع إلى الآن، ولا بلغنا أنهم غزوا في البر في هذا العدد، فهي من الأمور التي لم تقع بعد. وفيه بشارة ونذارة، وذلك أنه دل على أن العاقبة للمؤمنين مع كثرة ذلك الجيش، وفيه إشارة إلى أن عدد جيوش المسلمين سيكون أضعاف ما هو عليه"[23]. وهذا القتال يقع في الشام في آخر الزمان قبل ظهور الدجال كما دلت على ذلك الأحاديث، ويكون انتصار المسلمين على الروم تهيئة لفتح القسطنطينية[24].
47- فتح القسطنطينية: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قـال: ( سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر ؟ ) قالوا: نعم يا رسول الله، قال: ( لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفا من بني إسحاق، فإذا جاؤوها نزلوا، فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم، قالوا: لا إله إلا الله والله أكبر، فيسقط أحد جانبيها - قال ثور: لا أعلمه إلا قال:- الذي في البحر، ثم يقولوا الثانية: لا إله إلا الله والله أكبر، فيسقط جانبها الآخر، ثم يقولوا الثالثة: لا إله إلا الله والله أكبر، فيفرج لهم فيدخلوها، فيغنموا، فبينما هم يقتسمون المغانم إذ جاءهم الصريخ، فقال: إن الدجال قد خرج، فيتركون كلّ شيء ويرجعون )[25]. وفتح القسطنطينية بدون قتـال لـم يقع إلى الآن، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قـال: ( فتح القسطنطينية مع قيام الساعة )[26]. قال الترمذي: "قـال محمود - أي: ابن غيلان، شيخه -: هذا حديث غريب، والقسطنطينية هي مدينـة الروم، تفتح عند خروج الدجـال، والقسطنطينية قـد فتحت في زمـان بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم". والصحيح أن القطسطنطينية لم تفتح في عصر الصحابة؛ فإن معاوية رضي الله عنه بعث ابنه يزيد في جيش فيهم أبو أيوب الأنصاري، ولم يتمّ فتحها، ثم حاصره مسلمة بن عبد الملك، ولم تفتح أيضاً، ولكنه صالح أهلها على بناء مسجد بها[27]. قال أحمد شاكر رحمه الله: "فتح القسطنطينية مبشّر به في الحديث في مستقبل قريب أو بعيد يعلمه الله عز وجل، وهو الفتح الصحيح حين يعود المسلمون إلى دينهم الذي أعرضوا عنه، وأما فتح الترك الذي كان قبل عصرنا هذا فإنه كان تمهيداً للفتح الأعظم، ثم هي قد خرجت بعد ذلك من أيدي المسلمين منذ أعلنت حكومتهم هناك أنها حكومة غير إسلامية وغير دينية، وعاهدت الكفار أعداء الدين، وحكمت أمتها بأحكام القوانين الوثنية الكافرة، وسيعود الفتح الإسلامي لها إن شاء الله كما بشّر به رسول الله صلى الله عليه وسلم"[28].
48- خروج القحطاني: عن أبي هريـرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قـال: ( لا تقوم الساعـة حتى يخرج رجل من قحطـان يسوق الناس بعصاه )[29]. قال القرطبي رحمه الله: "قوله: ( يسوق الناس بعصاه ) كناية عن استقامة الناس وانعقادهم إليه، واتفاقهم عليه، ولم يُرد نفس العصا، وإنما ضرب بها مثلاً لطاعتهم له، واستيلائه عليهم، إلا أن في ذكرها دليلاً على خشونته عليهم وعنفه بهم"[30]. وهذا القحطاني ليس هو الجهجاه؛ فإن القحطاني من الأحرار؛ لأنه نسبه إلى قحطان الذي تنتهي أنساب أهل اليمن من حمير وكندة وهمدان وغيرهم إليه، وأما الجهجاه فهو من الموالي. ويؤيد ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يذهب الليل والنهار حتى يملك رجل من الموالي، يقال له: جهجاه )[31].
49- قتال اليهود ونطق الشجر والحجر: عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، حتى يقول الحجر وراءه اليهودي: يا مسلم، هذا يهودي ورائي فاقتله )[32]. قال ابن حجر رحمه الله: "وفي الحديث: ظهور الآيات قرب قيام الساعة من كلام الجماد من شجرة وحجر، وظاهره أن ذلك ينطق حقيقة، ويحتمل المجاز بأن يكون المراد أنهم لا يفيدهم الاختباء، والأول أولى"[33]. قال الشيخ حمود التويجري: "قلت: هو المتعين، ولا ينبغي أن يقال فيه باحتمال المجاز، لا سيما وقد صرح في أحاديث بأن الجمادات والدواب تنطق بالدلالة على اليهود، وهذا ينفي احتمال المجاز، وصرح أيضاً بأن الجمادات تنادي المسلمين وتدلهم على اليهود، وهذا أيضاً ينفي احتمال المجاز، وأيضاً فحمل كلام الجمادات وندائها على المجاز ينفي وجود المعجزة في قتال اليهود في آخر الزمان، ويقتضي التسوية بينهم وبين غيرهم من أصناف الكفار الذين قاتلهم المسلمون وظهروا عليهم، إذ لا بدّ أن يختبئ المختبئ منهم بالأشجار والأحجار، ومع هذا لم يرد في أحد منهم مثل ما ورد في اليهود، فعلم اختصاص قتال اليهود بهذه الآية، وأن الجمادات تنطق حقيقة بنداء المسلمين ودلالتهم على اليهود"[34]. وقال الشيخ يوسف الوابل: "وأيضاً فإنّ استثناء شجر الغرقد من الجمادات بكونها لا تخبر عن اليهود لأنها من شجرهم يدل على أنه نطق حقيقي، ولو كان المراد بنطق الجمادات المجاز لما كان لهذا الاستثناء معنى"[35].
50- حسر الفرات عن جبل من ذهب: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب، يقتتل الناس عليه، فيقتل من كلّ مائة تسعة وتسعون، ويقول كلّ رجل منهم: لعلّي أكون أنا الذي أنجو )[36]. قال الشيخ يوسف الوابل: "وليس المقصود بهذا الجبل من ذهب النفط البترول الأسود كما يرى ذلك أبو عبية في تعليقه على النهاية لابن كثير[37]، وذلك من وجوه: 1- أن النص جاء فيه: ( جبل من ذهب ) والبترول ليس بذهب على الحقيقة؛ فإن الذهب هو المعدن المعروف. 2- أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن ماء النهر ينحسر عن جبل من ذهب، فيراه الناس، والنفط أو البترول يستخرج من باطن الأرض بالآلات من مسافات بعيدة. 3- أن النبي صلى الله عليه وسلم خصّ الفرات بهذا دون غيره من البحار والأنهار، والنفط نراه يستخرج من البحار كما يستخرج من الأرض، وفي أماكن كثيرة متعددة. 4- أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الناس سيقتتلون عند هذا الكنز، ولم يحصل أنهم اقتتلوا عند خروج النفط من الفرات أو غيره"[38].
51- كثرة المطر وقلة النبات: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تقوم الساعة حتى يمطر الناس مطرا لا تكنّ منه بيوت المدر، ولا تكنّ منه إلا بيوت الشعر )[39]. وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ليست السِّنة بأن لا تمطروا ولكن السنة أن تمطروا وتمطروا ولا تنبت الأرض شيئا )[40].
52- نفي المدينة لشرارها ثم خرابها آخر الزمان: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يأتي على الناس زمان يدعو الرجل ابن عمه وقريبه: هلمّ إلى الرخاء، هلمّ إلى الرخاء، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون. والذي نفسي بيده، لا يخرج منهم أحد رغبةً عنها إلا أخلف الله فيها خيرا منه. ألا إن المدينة كالكير تخرج الخبيث. لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها كما ينفي الكير خبث الحديد )[41].
53- استحلال البيت الحرام وهدم الكعبة: عن سعيد بن سمعان قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يخبر أبا قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يبايع لرجل ما بين الركن والمقام، ولن يستحلّ البيتَ إلا أهله، فإذا استحلّوه فلا تسأل عن هلكة العرب، ثم تأتي الحبشة فيخربونه خرابا لا يعمر بعده أبداً، وهم الذين يستخرجون كنزه )[42]. وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة )[43]. وقد حدث القتال في مكة مرات عديدة، وأعظم مـا وقع من القرامطـة في القرن الرابع الهجري، حيث قتلـوا المسلمين في المطـاف، وقلعوا الحجر الأسود، وحملـوه إلى بـلادهم، ثم أعادوه بعد مدة طويلة[44].
54- صدق رؤيا المؤمن: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا اقترب الزمان لم تكد تكذب رؤيا المؤمن، ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة )[45]. قال ابن أبي جمرة رحمه الله: "معنى كون رؤيا المؤمن في آخر الزمان لا تكاد تكذب أنها تقع غالبا على الوجه الذي لا يحتاج إلى تعبير، فلا يدخلها الكذب، بخلاف ما قبل ذلك، فإنها قد يخفى تأويلها، فيعبرها العابر فلا تقع كما قال، فيصدق دخول الكذب فيها بهذا الاعتبار. والحكمة في اختصاص ذلك بآخر الزمان أن المؤمن في ذلك الوقت يكون غريباً، كما في الحديث: ( بدأ الإسلام غريباً، وسيعود غريباً ) أخرجه مسلم[46]، فيقل أنيس المؤمن ومعينه في ذلك الوقت، فيكرم بالرؤيا الصادقة"[47]. وقد اختلف أهـل العلـم رحمهم الله في تحديـد الزمن الذي يقع فيـه صدق رؤيـا المؤمن علـى أقوال: قال ابن حجر رحمه الله: "وحاصل ما اجتمع من كلامهم في معنى قوله: ( إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب ) إذا كان المراد آخر الزمان ثلاثة أقوال: أحدها: أن العلم بأمور الديانة لما يذهب غالبه بذهاب غالب أهله، وتعذرت النبوة في هذه الأمة عوِّضوا بالمرأى الصادقة ليجدّد لهم ما قد درس من العلم. والثاني: أن المؤمنين لما يقل عددهم ويغلب الكفر والجهل والفسق على الموجودين يؤنس المؤمن ويعان بالرؤيا الصادقة؛ إكراما له وتسلية. وعلى هذين القولين لا يختصّ ذلك بزمان معين، بل كلّما قرب فراغ الدنيا وأخذ أمر الدين في الاضمحلال تكون رؤيا المؤمن الصادق أصدق. والثالث: أن ذلك خاص بزمان عيسى ابن مريم. وأولها أولاها، والله أعلم"[48].
55- كثرة الكتابة وانتشارها: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة، وفشو التجارة حتى تعين المرأة زوجها على التجارة، وقطع الأرحام، وشهادة الزور، وكتمان شهادة الحق، وظهور القلم )[49]. وعن عمرو بن تغلب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن من أشراط الساعة أن يفشو المال ويكثر، وتفشو التجارة، ويظهر العلم، ويبيع الرجل البيع فيقول: لا حتى أستأمر تاجر بني فلان، ويلتمس في الحي العظيم الكاتب فلا يوجد )[50]. قال الشيخ حمود التويجري: "ومعناه والله أعلم ظهور وسائل العلم وهي كتبه، وقد ظهرت في هذه الأزمان ظهوراً باهراً، وانتشرت في جميع أرجاء الأرض، ومع هذا فقد ظهر الجهل في الناس، وقلّ فيهم العلم النافع، وهو علم الكتاب والسنة والعمل بهما، ولم تغن عنهم كثرة الكتب شيئاً"[51]. ومن وسائل انتشار العلم في هذا الزمان الشبكات العنكبوتية ( الإنترنت ).
56- التهاون بالسنن التي رغب فيها الإسلام: عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: ( إن من أشراط الساعة: أن يمر الرجل في المسجد لا يصلي فيه ركعتين )[52]. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن من أمـارات الساعـة: ... أن تتخذ المساجد طرقا )[53].
57- انتفاخ الأهلة: عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من اقتراب الساعة انتفاخ الأهلة )[54]. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من اقتراب الساعة انتفاخ الأهلة، وأن يرى الهلال لليلة، فيقال: لليلتين )[55]. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن من أمارات الساعة أن يرى الهلال لليلة، فيقال: لليلتين )[56]. __________________________________________________ _____________________ أشراط الساعة الصغرى 6 58- كثرة موت الفجأة: عن أنس بن مالك رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن من أمارات الساعة: ... أن يظهر موت الفجأة )[1]. قال الشيخ يوسف الوابل: "وهذا أمر مشاهد في هذا الزمن، حيث كثر في النـاس موت الفجـأة، فترى الرجل صحيحـاً معـافى ثم يموت فجأة، وهذا مـا يسميه الناس في الوقت الحاضر بـ:( السكتة القلبية ). فعلـى العاقـل أن ينتبه لنفسـه، ويرجع ويتوب إلى الله تعالى قبل مفاجـأة الموت"[2].
59- كثرة النساء وقلة الرجال: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لأحدثنكم حديثا لا يحدثكم أحد بعدي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من أشراط الساعة أن يقل العلم ويظهر الجهل، ويظهر الزنا، وتكثر النساء ويقل الرجال، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد )[3]. قال ابن حجر رحمه الله: "قيل: سببه أن الفتن تكثر فيكثر القتل في الرجال؛ لأنهم أهل الحرب دون النساء. وقيل: هو إشارة إلى كثرة الفتوح، فتكثر السبايا، فيتخذ الرجل الواحد عدة موطوءات. قلت: وفيه نظر؛ لأنه صرح بالقلة في حديث أبي موسى، فقال: ( من قلة الرجال وكثرة النساء )[4]. والظاهر أنها علامة محضة لا لسبب آخر، بل يقدر الله في آخر الزمان أن يقلَّ من يولد من الذكور، ويكثر من يولد من الإناث، وكون كثرة النساء من العلامات مناسبة لظهور الجهل ورفع العلم. وقوله: ( لخمسين ) يحتمل أن يراد به حقيقة هذا العدد، أو يكون مجازا عن الكثرة، ويؤيده أن في حديث أبي موسى: ( وترى الرجل الواحد يتبعه أربعون امرأة )[5]. وقال القرطبي رحمه الله: "في هذا الحديث علم من أعلام النبوة إذ أخبر عن أمور ستقع فوقعت، خصوصاً في هذه الأزمان"[6].
60- كثرة الكذب وعدم التثبت في نقل الأخبار: عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( سيكون في آخر أمتي أناس يحدثونكم ما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم، فإياكم وإياهم )[7]. وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يكون في آخر الزمان دجالون كذابون، يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم، فإياكم وإياهم، لا يضلونكم ولا يفتنونكم )[8]. قال الشيخ يوسف الوابل: "وما أكثر الأحاديث الغريبة في هذا الزمان، فقد أصبح بعض الناس لا يتورّع عن كثرة الكذب ونقل الأقوال بدون تثبت من صحتها، وفي هذا إضلال للناس وفتنة لهم، ولهذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم من تصديقهم"[9].
61- كثرة شهادة الزور وكتمان شهادة الحق: عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إن بين يدي الساعة ... شهادة الزور وكتمان شهادة الحق )[10]. قال الشيخ يوسف الوابل: "وشهادة الزور هي الكذب متعمّداً في الشهادة، فكما أن شهادة الزور سبب لإبطال الحق، فكذلك كتمان الشهادة سبب لإبطال الحق. وما أكثر شهادة الزور وكتمان الحق في هذا الزمن"[11].
62- وقوع التناكر بين الناس: عن حذيفة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الساعة فقال: ( علمها عند ربي، لا يجليها لوقتها إلا هو، ولكن أخبركم بمشاريطها وما يكون بين يديها. إن بين يديها فتنة وهرجاً )، قالوا: يا رسول الله، الفتنة قد عرفناها، فالهرج ما هو ؟ قال: ( بلسان الحبشة القتل. ويلقى بين الناس التناكر، فلا يكاد أحد أن يعرف أحداً )[12]. قال الشيخ يوسف الوابل: "فوقع التناكر عند كثرة الفتن والمحن وكثرة القتال بين الناس، وحينما تستولي المادة على الناس، ويعمل كل منهم لحظوظ نفسه، غير مكترث بمصالح الآخرين ولا بحقوقهم، فتنتشر الأنانية البغيضة، ويحيى الإنسان في نطاق أهوائه وشهواته، فلا تكون هناك قيم أخلاقية يعرف بعض الناس بها بعضا، ولا يكون هناك من الأخوة الإيمانية ما يجعلهم يلتقون على الحب في الله والتعاون على البر والتقوى"[13]
| |
|